سورة الأحزاب - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأحزاب)


        


{يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66)}
وقرئ: {تقلب} على البناء للمفعول. وتقلب: بمعنى يتقلب. ونقلب، أي: نقلب نحن. وتقلب، على أن الفعل للسعير، ومعنى تقليبها: تصريفها في الجهات، كما ترى البضعة تدور في القدر إذا غلت فترامى بها الغليان من جهة إلى جهة. أو تغييرها عن أحوالها وتحويلها عن هيئاتها. أو طرحها في النار مقلوبين منكوسين. وخصت الوجوه بالذكر، لأنّ الوجه أكرم موضع على الإنسان من جسده. ويجوز أن يكون الوجه عبارة عن الجملة، وناصب الظرف {يَقُولُونَ} أو محذوف، وهو (اذكر) وإذا نصب بالمحذوف كان {يَقُولُونَ} حالاً.


{وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68)}
وقرئ: {سادتنا} و {ساداتنا}: وهم رؤوساء الكفر الذين لقنوهم الكفر وزينوه لهم. يقال: ضلّ السبيل وأضله إياه، وزيادة الألف لإطلاق الصوت: جعلت فواصل الآي كقوافي الشعر، وفائدتها الوقف والدلالة على أن الكلام قد انقطع، وأن ما بعده مستأنف. وقرئ: {كثيراً} تكثيراً لإعداد اللعائن. وكبيراً، ليدل على أشدّ اللعن وأعظمه {ضِعْفَيْنِ} ضعفاً لضلاله وضعفاً لإضلاله: يعترفون، ويستغيثون، ويتمنون، ولا ينفعهم شيء من ذلك.


{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آَذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا (69)}
{لاَ تَكُونُواْ كالذين ءاذَوْاْ موسى} قيل: نزلت في شأن زيد وزينب، وما سمع فيه من قالة بعض الناس. وقيل: في أذى موسى عليه السلام: هو حديث المومسة التي أرادها قارون على قذفه بنفسها، وقيل: اتهامهم إياه بقتل هارون، وكان قد خرج معه إلى الجبل فمات هناك، فحملته الملائكة ومرّوا به عليهم ميتاً فأبصروه حتى عرفوا أنه غير مقتول. وقيل: أحياه الله فأخبرهم ببراءة موسى عليه السلام. وقيل: قرفوه بعيب في جسده من برص أو أدرة، فأطلعهم الله على أنه بريء منه {وَجِيهاً} ذا جاه ومنزلة عنده، فلذلك كان يميط عنه التهم، ويدفع الأذى، ويحافظ عليه، لئلا يلحقه وصم ولا يوصف بنقيصة، كما يفعل الملك بمن له عنده قربة ووجاهة.
وقرأ ابن مسعود والأعمش وأبو حيوة: {وكان عبد الله وجيهاً} قال ابن خالويه: صليت خلف ابن شنبوذ في شهر رمضان، فسمعته يقرؤها. وقراءة العامة أوجه؛ لأنها مفصحة عن وجاهته عند الله، كقوله تعالى: {عِندَ ذِى العرش مَكِينٍ} [التكوير: 20] وهذه ليست كذلك، فإن قلت: قوله: {مِمَّا قَالُواْ} معناه: من قولهم، أو من مقولهم؛ لأنّ (ما) إما مصدرية أو موصولة، وأيهما كان فكيف تصحّ البراءة منه؟ قلت: المراد بالقول أو المقول: مؤداه ومضمونة وهو الأمر المعيب، ألا ترى أنهم سموا السبة بالقالة، والقالة بمعنى القول؟.

8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15